responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 297
وكان تجار الحيرة يزورون مكة للاتجار بها، ولهم مع تجارها عقود وجوار وتجارة، فإذا ذهب أحدهم إلى مكة نزل على حليفه وجاره، ثم باع ما عنده من تجارة، واشترى ما يجده بمكة من سلع مطلوبة مرغوبة ثم يعود إلى الحيرة. وكان منهم من كون مع حلفائه من أهل مكة تجارة مشتركة تتعامل بالحيرة وبمكة وبمواضع أخرى، وتسوي أشغالها بالمراسلة، يدير الحيريون منهم أعمال الشركة بالحيرة، ويدير المكيون منهم أعمالها بمكة، ثم يتراجعون في الحساب، ويقتسمون الأرباح والخسائر على وفق ما اتفقوا عليه.
وقد كانت تجارة قريش تجارة واسعة، وقد أقام تجارهم وكالات ومتاجر في مواضع متعددة، لتتولى أمر البيع والشراء. ولعلهم كانوا يمثلون مصالح مكة السياسية في الحبشة كذلك، كأن يتولى هؤلاء التفاوض مع الحكومة هناك في عقد عهود سياسية واقتصادية وما شابه ذلك. وقد كن اتصال أهل مكة بالحبشة وثيقًا ودائمًا، ويظهر أنهم كسبوا منافع مهمة من أعمالهم واشتغالهم في تلك البلاد[1].
وقد عهدت قريش إلى أناس آخرين من رجالها بقيادة قوافلها، إلى بلاد الشأم أو إلى اليمن. كما قام رجال منها بتجهيز قوافل لهم لتتاجر بأموالهم. ولما هاجر الرسول إلى "يثرب" استاؤوا من خبر هجرته استياءً كبيرًا، لعلمهم بأهمية موضع "يثرب"، وبما سيقوم به المسلمون من التعرض بقوافلهم ومن تحرشهم بتجارهم وفي هذا العمل نكبة عظيمة تصيب تجارتهم وأرباحهم ومنافعهم المادية. فتشاوروا في أمرهم وتناقشوا، وقالوا: "قد عوّر علينا محمد متجرنا وهو طريقنا "وقال "أبو سفيان" و"صفوان بن أمية": "إن أقمنا بمكة أكلنا رءوس أموالنا"[2]، وقال أيضًا: "كنا قومًا تجارًا، وكانت الحرب بيننا وبين رسول الله قد حضرتنا حتى نهكت أموالنا"[3]، وقال غيره مثل ذلك من كلام، يشعر بمقدار الأضرار والخسائر التي منيت بها تجارة قريش بسبب هجرة الرسول إلى يثرب واعتراضه طرق القوافل. لا سيما بعد أن تبين لها أن جميع السبل التي فكرت في سلوكها لتسيير قوافلها عليها، هي غير أمينة ولا سالمة، وأن المسلمين

[1] الأغاني "8/ 50".
[2] الطبري "2/ 491 وما بعدها".
[3] الطبري "2/ 646".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 13  صفحه : 297
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست