نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 113
القبور إكرامًا لصاحب القبر، ويبيع الجزارون لحومها وسائر اللحوم الأخرى. ونظرًا إلى أهمية الإبل بالنسبة إلى حياة الأعراب، ولغلاء ثمنها، ولعدم تمكنهم من شراء عدد كثير منها، إلا بالنسبة للموسر منهم، اقتصدوا في ذبحها، إلا لعلة قاتلة ومرض مهلك؛ لأنها أصول أموالهم، فهم يريدون إكثارها، وفي إكثارها إكثار لأموالهم، ولا سيما في إكثار الإبل النجيبة التي لا توازى عندهم بثمن، والتي تعد مقياس الثراء والجاه والغنى عند العرب.
وإذا مات فصيل الناقة أو ذبح، سلخ برأسه وقوائمه ثم حشي جلده تبنًا لتزأمه أمه وتشم رائحته، فتدر عليه ولا ينقطع لبنها، فتحلب. ويقال للجلد المحشو بالتبن "البو"[1].
و"الأشراط" الإبل أو الغنم تعزل للبيع. و"الشريطة"، الجماعة المعزولة منها، المعدة للبيع[2].
والجمل، هو الحيوان الوحيد الذي لم يجد الأعرابي في تربيته بأسًا ولا غضاضة، ولا حطة لقدر ومنزلة. فاجتناه وتباهى به وافتخر، وجعله مقياس ثرائه وماله، وأعز شيء عنده في حياته، وما الذي يملكه الأعرابي في دنياه غير هذا الجمل! أما البقر والغنم والحمير والبغال، فهي دون الجمل في المكانة والمنزلة عنده، فترفع لذلك عن تربيتها، واعتبر تربيتها وخدمتها وبيعها عملًا من أعمال "النبط" والخدم والعبيد والأعاجم، وكيف يقبل أن ينظف تلك الحيوانات وأن يجمع روثها، ويتحمل سقوط أبوالها عليه، وأن يشم رائحة أرواثها وبولها، وهي حوله أو في بيته، والروث قذارة. وكيف يرضى أن يحشها ,أن يقدم لها العلف والقت، ثم تروث له. جاء في المثل: أحشك وتروثني[3]؟.
والجمل قليل الكلفة، لا يكلف أكله صاحبه كثيرًا، يعيش على ما تنبته الأرض، وعلى ما يجده على وجهها من يابس النبات، ومن عوسج ونبات ذي شوك، ومن نباتات أخرى تتبطر عليها بقية الماشية. وهو لا يطلب من صاحبه علفًا غاليًا، أو متنوعًا، كما تفعل بقية الماشية، مثل البقر والخيل والغنم [1] الفاخر "249". [2] تاج العروس "5/ 167"، "شرط". [3] تاج العروس "1/ 626"، "راث".
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي جلد : 13 صفحه : 113