responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 274
"أما البدو، فهم القبائل الرُّحّل المنتقلون من جهة إلى أخرى طلبًا للمرعى أو للماء، والطبيعة هي التي تجبر البدو على المحافظة على هذه الحياة، وحياة البدوي حياة شاقة مضنية، ولكنه وهو متمتع بأكبر قسط من الحرية يفضلها على أي حياة مدنية أخرى. هذه الحياة الخشنة هي التي جعلت القبائل يتقاتلون في سبيل المرعى والماء، وهي التي جعلت سوء الظن يغلب على طباعهم، فالبدوي ينظر إلى غيره نظرة العدو الذي يحاول أخذ ما بيده أو حرمانه من المرعى.
إن البدو في الصحراء لا يهمه إلى المطر والمرعى؛ فأزمته الحقيقية انحباس المطر وقلّة المرعى ولا يبالي بما يصيب العالم في الخارج ما دامت أرضه مخضرة، وبعيره سمينا وغنمه قد اكتنزت لحمًا وقد طبقت شحمًا.
أما إذا نما السكان وضاقت بهم الأرض أو لم تجد أراضيهم بالمرعى، فليس هناك سبيل إلا الزحف والقتال، أو الهجرة إن كان هناك سبيل إليها، وكذلك القبيلة التي غلبت على أمرها وحُرمت من مراعيها وأراضيها ليس أمامها سبيل آخر سوى الهجرة.
لقد كان البدو قبل ثلاثين سنة في غارات وحروب مستمرة، كل قبيلة تنتهز الفرص للإغارة على جارتها لنهب مالها، وتعدد الإمارات وتشاحن الأمراء وتخاصمهم مما يشجع البدوي.
ولهذا كان للقبيلة قيمتها في بلاد العرب، فالإنسان يقوى بأبنائه وأبناء عمومته الأقربين والأبعدين، وإذا كانت العصبية ضعيفة أمكن تقوية القبيلة بالتحالف مع سواها حتى يقوى الفريقان ويأمنا شر غيرهما من القبائل القوية.
وقد جرى العرف أن القبائل تعتبر الأرض التي اعتادت رعيها، والمياه التي اعتادت أن تردها ملكًا لها، لا تسمح لغيرها من القبائل الأخرى بالدنوّ منها إلا بإذنها ورضاها، وكثيرًا ما تأنس إحدى القبائل من نفسها القوة فتهجم بلا سابق إنذار على قبيلة أخرى، وتنتزع منها مراعيها ومياهها.
إن قبائل العرب ليسوا كلهم سواء في الشر والتعدي على السابلة والقوافل، فبعضها قد اشتهر أمره بالكرم والسماحة والترفع عن الدنايا، كما اشتهر بعضها بالتعدي وسفك الدماء بلا سبب سوى الطمع فيما في أيدي الناس.
ليس للبدوي قيمة حربية تذكر، ولذا كان اعتماد الأمراء على الحضر، فهم الذين يصمدون للقتال ويصبرون على بلائه وبلوائه. وكثيرًا ما كان للبدو

نام کتاب : المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام نویسنده : جواد علي    جلد : 1  صفحه : 274
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست