responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي نویسنده : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    جلد : 1  صفحه : 195
طويلة يتأملون فيها سير الأحداث ونتائجها، يضعون خططهم مستقبلا على ضوء ذلك كله- ليتنا نقرأ تاريخهم جيدا ونتعلم منهم- كان الدرس الذي خرج به المسلمون من مؤتة هو أن الروم هم عدوهم الرئيسي في هذه الجهات. وأنهم قد أعلنوا عليهم الحرب، ولن يتركوهم يدعون إلى دينهم في سلام وأمان وحرية، بل ربما يهاجمون الإسلام في بلاد العرب نفسها. هذه واحدة. ثم ماذا بعد؟
مضى العام الثامن للهجرة، وضمّد المسلمون جراحهم، وقدر النبي صلّى الله عليه وسلم ظروفهم فواساهم وعزّاهم ورفع روحهم المعنوية وطمأنهم وبشرهم.
وجاء العام التاسع للهجرة، وعندئذ تجمعت لدى النبي صلّى الله عليه وسلم أخبار أن الروم- لم يكتفوا بما حدث في مؤتة- قد حشدوا قواتهم على الحدود الشمالية لمهاجمة المسلمين في عقر دارهم، وكان الوقت عسيرا وقاسيا، ولكن الموقف خطير للغاية ولا يحتمل الأنتظار، وعلى الفور وبمسؤولية القائد العظيم استطاع النبي صلّى الله عليه وسلم أن يجمع ثلاثين ألفا من المسلمين، وكان هذا أكبر جيش يقوده النبي في حياته، وقد سمي جيش العسرة؛ لأن الوقت كان عصيبا حقّا، ولكن مهما تكن الصعوبات، فإذا كان الروم قد غرهم غرورهم وينوون فعلا استباحة حمى الإسلام، فإن الرسول صلّى الله عليه وسلم لا بد أن يلقنهم درسا لن ينسوه أبدا وسينسيهم وساوس الشيطان. وصلت جحافل المسلمين بقيادة الرسول صلّى الله عليه وسلم إلى تبوك [1] . وأخذ القائد العظيم يرتب قواته، ويدرس الموقف، ويبث عيونه ليأتوه بالأخبار حتى تكون كل خطواته مدروسة بعناية تامة، وتجمعت لديه معلومات بأن جيش الروم قد انسحب من الميدان، لتخوفه من نتائج الصدام العسكري مع المسلمين. فماذا كان موقف النبي صلّى الله عليه وسلم من هذا الجيش المنسحب الفار من الميدان؟ هذا الجيش الذي حارب المسلمين بضراوة قبل عام واحد في مؤتة، وكاد يستأصلهم لولا عناية الله، الذي ألهم خالد بن الوليد بوضع خطة لانسحابهم إلى المدينة، لو أن أي قائد آخر كان في موقف النبي صلّى الله عليه وسلم ماذا كان سيصنع. لا بد أنه كان سينتهز هذه الفرصة ويلاحق جيش عدوه المنسحب ويقضي عليه. ولكن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يفعل هذا. ومرة أخرى يقدم لنا الدليل تلو الدليل على أن الإسلام دين السلام، وليس دين حرب وسفك دماء- كما يدعي أعداء الإسلام- إذ لو كان الإسلام دين حرب، ولو كان رسول الإسلام متعطشا للدماء، ولو كان

[1] انظر- ابن هشام- السيرة النبوية (ص 515) وما بعدها.
نام کتاب : السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي نویسنده : عبد الشافى محمد عبد اللطيف    جلد : 1  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست