[35 أ] بأمر الله ويرغم الله أنف من كان راغما، ورأس من لم يدفع ذلك والحجر. فقال عمرو: يا أمير المؤمنين: مروان شيخ من مشايخنا، يستقبله غلام من بني هاشم بما استقبله، لا يرى لمجلسك وقارا، ولا يخاف منه حذارا.
فالتفت إليه ابن عباس فقال: يا عمرو عذر القراد فما بال الحلم [1] ، والله إن رجلا في قريش ما كان [2] إلّا سهما [3] جال بأيدي الرجال لحقيق بالذلة، وإنك لمن لفقه [4] وممن ختم بغير السنة. فقال معاوية، اعتديت على جليسي يا ابن عباس! قال: إنهما أسمعاني في ابن عمّي ما كرهت، وهذا مجلس يحكى عنّا، وكرهت أن يحكى عني ما لا يجمل بمثلي.
قال: لما قدم المأمون العراق، كتب إلى الكوفة وإلى البصرة يسأل عمن يروي له هذه الأربعة الأحاديث لجده عبد الله بن عباس ومعاوية بن أبي سفيان، فلم يكن أحد يعرفها غير عبد الله بن صالح الأسدي الكوفي، فحمل إليه، فحدّثه بها، فولّاه قضاء فارس حتى توفّي بها. فأحدها: خبره الّذي دخل إليه فنعى الحسن بن علي وأسامة بن زيد، وقد كتب. والثاني: خبره مع ابن الزبير في مجلس معاوية، وقد كتب. والثالث: عبد الله بن صالح يرفعه إلى ابن عباس قال:
قدمت على معاوية وعنده [35 ب] وفود العرب، فأذن للوفود فدخلوا عليه ودخلت معهم، فتكلّم معاوية فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أمّا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فإنه لم يخلق للدنيا ولم تخلق له، وأما أبو بكر فلم يردها ولم ترده، وأمّا عمر فأرادته ولم يردها، وأمّا عثمان فأخذ منها وترك، وأما أنا فمالت بي وملت بها، فأي امرئ إن [5] يكن المصير إلى النار، قل [1] انظر مجمع الأمثال (مطبعة السعادة 1959) ج 2 ص 39. [2] زيادة يقتضيها السياق. [3] في الأصل: «سهم» . [4] أي على شاكلته، والأصل: «لمن لقبه» . [5] الأصل: «لم» . وانظر أنساب الأشراف ق 1 ص 708 (إسطنبول) .