الله؟ قال: تخلّف ابن عمّك عن البيعة ليزيد- يعني الحسين بن علي عليهما السلام- فأمّا ابن الزبير فكأنّي به قد هوي، وأمّا الحسين فإن له قرابة قريبة، ونفسا حيية، وأحبّ ما سرّه وأبغض ما ضرّه. قال ابن عباس:
أمّا ابن الزبير فلا أدخل فيما بينكما، وأمّا الحسين فإنه قال وصدق وخفقت النعال خلفه، وهو رجل لا يملأ جنانه شيء [34 ب] ، وإنك لتعلم أنّه أتى أبا بكر وهو على منبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأخذ بردائه [1] فنتره نترا [2] عنيفا ثمّ قال له: تنحّ عن مقام أبي. فقال أبو بكر: مقام أبيك لا مقام ابن أبي قحافة. فلم يمنعه من ذلك صغر سنّه، واجتماع الناس عليه وهيبتهم له، فكيف يهابك اليوم، وقد اشتدّ عضده وأزره، وكبر زنده، ولكن سأقول له ولا آلوه نفسي خيرا إن شاء الله. قال مروان: يا أمير المؤمنين! إني لأنهاك كثيرا عن هذه الاستكانة، ابعث إليهما فإن بايعا وإلّا فاضرب أعناقهما. فقال ابن عباس: لو كنت في موضع معاوية ما أوصيت نفسك بما أشرت به على معاوية، ولضاقت عليك إذن الأرض بما رحبت، ولو احتاج مع ذلك إلى نصرتك ما كانت نصرتك إيّاه إلّا نصرة أمة وكعاء، فهلّا أوصيت بذلك نفسك غداة قدمت البصرة ورأيت الحسرة وكانت عليك الدبرة، فعمدت إلى رجل من قريش بيعته في عنقك فرميته بمشقصك فقتلته [3] ثمّ ولّيت هاربا غادرا، فأنت في كل ذلك تابع غير متبوع، لا ترى نفسك للرئاسة موضعا، ولا يرونك لها أهلا، فإن كنت إنّما أبغضت عليّا لقتله الوليد فقد قتله بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقتله رسول الله صلّى الله عليه وسلّم [1] في الأصل: «بردته» . [2] في الأصل: «ننثره نثرا» وهو تحريف، والنتر الجذب بجفاء. [3] إشارة إلى الرواية التي تتهم مروان بقتل طلحة بن عبيد الله في واقعة الجمل. انظر الطبري س 4 ص 2314.