أنتم أولى مؤمنين [1] لقوا الكافرين، اصدقوهم الحملة، فقد هزمهم الله. قال:
فشددنا عليهم، وحمل [2] صاحب الكمين، فلمّا عاينوا الكمين، وقد صدقناهم الحملة، ولّوا منهزمين، وقتلنا منهم نحوا من سبع مائة رجل، وكانوا على خيول مطهّمة فنجوا عليها، وحوينا أثقالهم. وكتب إلى أبي عون والعكي، بما صنع الله بهم، وكتب إلى قحطبة يخبره بما صنع الله لهم، فلمّا ورد الكتاب على قحطبة وقرأه قال: الله أكبر، وكبّر الناس حتى ارتج العسكر [3] بالتكبير، ثم انفتل فسجد طويلا، وكتب بذلك إلى أبي مسلم.
وورد عليه كتاب الحسن بن قحطبة يخبره أنّ ابن ضبارة يريد أن يجتمع هو وأهل نهاوند على محاربته ويسأله أن يمده بالرجال، فلمّا بلغ الخبر ابن ضبارة، وجّه خيلا عظيمة مع أبي بكر بن كعب العقيلي، وكان لحق به حيث خرج إلى الري، فأقبل حتى نزل التيمرة الكبرى، وخندق على نفسه ولحق أصحابه، فكتب عامر بذلك إلى أبي عون [167 ب] وإلى العكّي، فوافاه أبو عون ومن معه، وزحفوا جميعا إلى خيل ابن ضبارة، فالتقوا بالتيمرة فاقتتلوا حتى حجز بينهم الليل، وانصرفت الهاشمية إلى عسكرهم، وانصرفت خيل ابن ضبارة فتركوا خندقهم ولحقوا بابن ضبارة. وأصبحت الهاشمية، فبلغهم جلاء عدوهم عن خندقهم فتحولوا إليه ونزلوه، وكتبوا بذلك إلى قحطبة، ولم يبرح العكيّ من موضعه بقمّ، وذلك أنّه بلغه أن خيل الشام قد توجّهت إلى قم، فأقام لذلك.
وأقبل ابن ضبارة، وداود بن يزيد [4] بن عمر بن هبيرة في جمع [1] في الأصل: «المؤمنين» والتصويب من كتاب التاريخ وعبارته «أنتم أول مؤمنين» ص 277 أولم نأخذ ب «أول» لأن هذه معركة بين معارك عدة. [2] في كتاب التاريخ ص 277 أ: «وصاح» . [3] ن. م. ص 277 «المعسكر» . [4] زيادة.