ذكرناهم، فلما فرغ من [166 ب] العرض أمر بأرزاقهم، وتهيأ للتقدم إلى أصبهان. وأقبلت خيل من ابن ضبارة مع رجل من بني مرّة يقال له عجرة، في نحو من سبعة آلاف رجل يريدون عامر بن إسماعيل، وهو أدنى جند الهاشمية اليهم، فأمر عامر المخارق أن يخرج في أصحابه، فيقف على شرف بينه وبين العسكر قدر ميل، فخرج المخارق، فأتاه رجل من أهل القرية وهو مرعوب فقال: رأيت خيل أهل الشام من وراء هذا الشرف نزولا يسقون دوابّهم فارتفعت عنهم، وجئت إليكم أعلمكم، فأمر بالتهيؤ، وركب وعبّأ أصحابه. فلم ينته المخارق إلى ذلك الشرف حتى رأى رهج القوم، فأرسل إلى عامر يخبره بذلك، ثم وقف حتى تبيّنهم وتبيّن راياتهم فانصرف إلى عامر فأخبره، فبرز من القرية، وعبّأ أصحابه، ووضع الميمنة والميسرة والكمين. قال: فلما كان بين العسكرين [1] نحو من غلوة وقفوا، وأقبل رجل منهم حتى إذا كان حيث يسمع كلامه قال: يا معشر المسلمين! اتّقوا الله وراجعوا جماعتكم، ولكم الأمان على ما أحدثتم في هذه الفتنة، ولكم العطاء والرزق الواسع. فقال عامر: يا قتيبة! كلّمه، وقتيبة كاتبه يومئذ، وادعهم [2] إلى كتاب الله وسنّة نبيه، وإلى الرضا من آل رسوله.
فكلمه قتيبة، وكان متكلما، فقال: إنّا والله [167 أ] ما ننازعكم دنياكم، وما عليها نقاتلكم، ولكنّا ندعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه وإلى الرضا من أهل بيته، فإن قبلتم كنّا وأنتم متعاونين على.. [3] فقال المتكلم من أهل الشام: هذا كلام، ثم حمل القوم علينا حملة رجل واحد، فتضعضعنا، ولم ننهزم، فصاح بنا عامر، وكان صيّتا في الحرب: يا معشر المؤمنين! [1] في الأصل: «الجبلين» وما أثبتناه من كتاب التاريخ ص 276 ب. [2] في ن. م. ص 276 ب «وادعه» . [3] في الأصل بياض لعله: على ذلك.