هو في غاية التلخيص والتهذيب، وحسن النظم والترتيب، يجمع أنواع هذا العلم
وفنونه، ويحوي نصوصه وعيونه، من علم قراءته وإعرابه، ولغاته وغوامضه ومشكلاته،
ومعانيه وجهاته، ونزوله وأخباره، وقصصه وآثاره، وحدوده وأحكامه، وحلاله وحرامه،
والكلام على مطاعن المبطلين فيه، وذكر ما يتفرّد به أصحابنا من الاستدلالات بمواضع
كثيرة منه على صحّة ما يعتقدونه من الأصول والفروع، والمعقول والمسموع، على وجه
الاعتدال والاختصار، فوق الإيجاز ودون الإكثار، فإنّ الخواطر في هذا الزمان، لا
تحتمل أعباء العلوم الكثيرة، وتضعف عن الأجراء في الحلبات الخطيرة، إذ لم يبق من
العلماء إلّا الأسماء، ومن العلوم إلّا الذماء.. وقدّمت في مطلع كل سورة ذكر
مكّيّها ومدنيّها، ثمّ ذكر الاختلاف في عدد آياتها، ثمّ ذكر فضل تلاوتها، ثمّ
اقدّم في كلّ آية الاختلاف في القراءات، ثمّ ذكر العلل والاحتجاجات، ثمّ ذكر
العربيّة واللّغات، ثمّ ذكر الإعراب والمشكلات، ثمّ ذكر الأسباب والنزولات، ثمّ
ذكر المعاني والأحكام والتأويلات، والقصص والجهات، ثمّ ذكر انتظام الآيات على أنّي
قد جمعت في عربيّته كلّ غرّة لائحة، وفي إعرابه كلّ حجّة واضحة، وفي معانيه كلّ
قول متين، وفي مشكلاته كلّ برهان مبين، وهو بحمد الله للأديب عمدة، وللنحويّ عدّة،
وللمقرئ بصيرة، وللناسك ذخيرة، وللمتكلّم حجّة، وللمحدّث محجّة، وللفقيه دلالة،
وللواعظ آلة)[1]
بناء على هذا، فإن الطبرسي بدأ تفسيره بمقدّمات مختصرة عن مسائل أساسية
في علوم القرآن، كتعداد آي القرآن وذكر أسماء القرّاء المشهورين والرأي في القراءات
المختلفة، ثمّ بحث التفسير والتأويل والمعنى واعراب القرآن، وذكر أسماء القرآن
ومعانيها، ومن ثمّ التأكيد على سلامة القرآن وصيانته عن التحريف، مع ذكر بعض ما
جاء من الأخبار في