المتنوّعة، فجاء تفسيره جامعا لمختلف الجوانب التي تعرّض لها المفسّرون
المتخصّصون، وقد شاع هذا النمط الجامع من التفسير في العصور المتأخّرة، فكانت
تفاسير جامعة بين العقل والنقل، مضافا إليه جانب أدب القرآن، أمثال تفسير أبي علي
الفضل بن الحسن الطبرسي من أكبر علماء القرن السادس، وبحق أسمى تفسيره بـ (مجمع
البيان)؛ حيث كان من أحسن التفاسير وأجمعهن لمختلف جوانب القرآن الكريم)[1]
وقد أشار الطبرسي إلى كل ما ذكروه في مقدمة كتابه عند ذكر دوافعه لتأليفه، فقد قال:
(وقد خاض العلماء، قديما وحديثا، في علم تفسير القرآن، واجتهدوا في إبراز مكنونه،
وإظهار مصونه، وألّفوا فيه كتبا جمّة، غاصوا في كثير منها في أعماق لججه، وشقّقوا
الشعر في إيضاح حججه، وحقّقوا في تفتيح أبوابه، وتغلغل شعابه. إلّا أنّ أصحابنا،
لم يدوّنوا في ذلك غير مختصرات، نقلوا فيها ما وصل إليهم من الأخبار، ولم يعنوا
ببسط المعاني وكشف الأسرار، إلّا ما جمعه الشيخ الأجل السعيد، أبو جعفر محمّد بن
الحسن الطوسي، من كتاب (التبيان)، فإنّه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحق، ويلوح
عليه رواء الصدق، قد تضمّن من المعاني الأسرار البديعة، واحتضن من الألفاظ اللّغة
الوسيعة، ولم يقنع بتدوينها دون تبيينها، ولا بتنميقها دون تحقيقها، وهو القدوة
أستضيء بأنواره، وأطأ مواقع آثاره) [2]
ثم ذكر منهجه الذي اعتمده فيه، فقال: (واستخرت الله تعالى ثمّ قصرت وهمي
وهمّي على اقتناء هذه الذخيرة الخطيرة واكتساب هذه الفضيلة النبيلة، وشمّرت عن ساق
الجد، وبذلت غاية الجهد والكد، وأسهرت الناظر، وأتعبت الخاطر، وأطلت التفكير،
وأحضرت التفاسير، واستمددت من الله سبحانه التوفيق والتيسير، وابتدأت بتأليف كتاب
[1]
التفسير و المفسرون في ثوبه القشيب، ج2، ص: 19.