(نعم كان الشرط في الحجيّة والاعتبار أوّلا: صحّة الإسناد إليهم،
وثانيا: كونهم من الطراز الأعلى. وإذ قد ثبت الشرطان، فلا محيص عن جواز الأخذ وصحّة
الاعتماد، وهذا لا شكّ فيه بعد تواجد الشروط.. إنّما الكلام في اعتبار ذلك حديثا
مسندا ومرفوعا إلى النبيّ a بالنظر إلى كونه الأصل في تربيتهم وتعليمهم، أو أنّه
استنباط منهم بالذات، لمكان علمهم وسعة اطّلاعهم، فربما أخطئوا في الاجتهاد، وإن
كانت إصابتهم في الرأي أرجح في النظر الصحيح) [1]
ثم يتحدث عن أعلام التابعين في التفسير، وكلهم من المعتبرين لدى المدرسة السنية،
فيقول: (تلك مدارس التفسير كان قد تخرّج عليها رجال علماء كانوا أكفاء لحمل عبء
رسالة الإسلام إلى الملأ في الخافقين، وبهم ازدهرت معالم الدين وانتشرت أحكام
الشريعة ومبانيها في شتّى أرجاء البلاد) [2]
ثم يعرف بهم، مع الثناء عليهم؛ فيقول في سعيد بن جبير: (كان من كبار
التابعين ومتقدّميهم في الفقه والحديث والتفسير. أخذ العلم عن عبد الله بن عبّاس
وسمع منه وأكثر روايته عنه. كان قد تفرّغ للعلم والقرآن حتّى صار علما وإماما
للناس. قتله الطاغية الحجّاج بن يوسف الثقفي صبرا سنة 95) [3]
ويقول عن سعيد بن المسيّب: (صاحب عبادة وجماعة وعفّة وقناعة.. كان سيّد
التابعين من الطراز الأوّل، جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة، وهو أحد
الفقهاء السبعة بالمدينة) [4]