بعد عصر طويل من الازدهار والغلبة؟ كيف أضاع المسلمون جميع تلك الإمكانات
والنعم؟)
ثم يطرح الحل من خلال القرآن الكريم نفسه، ومن خلال قوله تعالى: {إِنَّ الله
لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأنفسهِمْ} (الرعد: 11))[1]
فهذه الآية الكريمة ـ كما يذكر جمال الدين ـ هي التي تصف للأمة طريق
الخروج من أزماتها، وهي نفس الآية التي استند إليها كل المصلحين الذين جاءوا بعده،
وقد قال معبرا عن معناها: (إنّ الحكيم المبدع لهذا الكون قد وضع للأشياء عللاً
وأسباباً، ومن ثمّ لكل حادث علله ونتائجه الخاصة به، والآيات القرآنية بدورها
تصرّح بهذه الحقيقة، وهي أنّ نظام الكون تحكمه قوانين دقيقة وثابتة اصطلح عليها بالسنن
الإلهية، وأنّ التزامها والتقيّد بها يعني السير في طريق الخير والفلاح، والحيد
عنها يوجب الضلال والخسران)[2]
وقد ذكر جمال الدين إدراك المستعمر لهذه الحقائق، ولهذا كان يحارب كل من
يدعو إلى العودة إلى القرآن الكريم، ويقول في ذلك: (حَسْبُ رجل الدين أن يقول:
إنّه مؤمن بالقرآن وآياته؛ لينفيه الاستعمار إلى جزيرة اندومان)[3]
هذه بعض النماذج عن طروحات جمال الدين الأسد آبادي، والتي يمكن لمن شاء
أن يرجع إليها، ويتأكد منها ليتبين له أنها كلها تنطلق من القرآن الكريم، وأنها
فوق ذلك كانت الأسس الكبرى التي قام عليها الإصلاح والتجديد في العصر الحديث.