الصوفي في هواجس خياله.. وبذلك افترقت طرائق الصوفية عن مذاهب العلماء
والفقهاء، وطريقتهم القويمة في فهم الكتاب والسنة الشريفة، ومن ثمّ لم يعتبر
العلماء شيئا من تأويلات الصوفيّة ومن مشى على طريقتهم من أهل العرفان الباطني
المجرّد) [1]
من مظاهر الاهتمام التي يوليها الإيرانيون للقرآن الكريم، تلك الدعوات
الكثيرة لتفعيله في الحياة، فهو الكتاب الذي يحوي جميع القيم الإيمانية والأخلاقية
والحضارية، وهو الكتاب الذي جعله الله حبله الممدود لإنقاذ البشرية وتخليصها من
الأهواء والاستبداد وكل أنواع الفتن، كما قال الإمام الصادق عليه السلام: (من لم
يعرف الحق من القرآن لم يتنكب الفتن)[2]
وسر ذلك كما عبر عنه هو (أن الله تبارك وتعالى لم يجعله لزمان دون زمان،
ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة) [3]
ولذلك حمل الإيرانيون من سالف الزمان هذا النوع من الاهتمام، وكيف لا
يفعلون ذلك، وقد سمعوا صيحات الإمام الرضا فيهم، وهو يخاطبهم من مشهد، واصفا
القرآن الكريم بقوله: (هو حبل الله المتين، وعروته الوثقى، وطريقته المثلى، المؤدي
إلى الجنة، والمنجي من النار، لا يخلق على الأزمنة، ولا يغث على الالسنة، لأنه لم
يجعل لزمان دون زمان، بل جعل دليل البرهان، والحجة على كل إنسان، لا يأتيه الباطل
من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد)[4]