وسمعوا بعده الإمام الجواد، وهو يحذرهم من نبذ القرآن الكريم، أو تحريف
معانيه وقيمه، ويقول لهم: (كل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم
عدوهم حين تولوه، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده، فهم يروونه
ولا يرعونه، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية)[1]
وبناء على تلك الدعوات وغيرها، سار الكثير من المجددين ودعاة الإحياء
الذين أنجبتهم إيران طيلة تاريخها، والذين كان لهم الأثر البالغ على العالم
الإسلامي جميعا.
ولبيان هذا وتأكيده، نحب أن نقتصر هنا على بعض الأمثلة من تصريحات
العلماء الإيرانيين قبل الثورة وبعدها في الدعوة لتفعيل القرآن الكريم في جميع
مناحي الحياة.
الأمثلة على اهتمام المشروع الحضاري الإيراني القديم بالدعوة لتفعيل
القرآن الكريم في الحياة كثيرة جدا، وسنقتصر هنا على بعض الدعاة لذلك من المدرستين
السنية والشيعية مع مراعاة الترتيب التاريخي، مع العلم أنها مجرد أمثلة فقط.
أبو حامد الغزالي من كبار علماء المدرسة السنية في الفقه والأصول والكلام
والتصوف، وهو مرجع أكثر المتأخرين في هذه الجوانب، وخاصة من المدرسة الشافعية، وقد
عاش وتربى في مشهد، تلك المدينة التي تشرفت بالإمام الرضا، وكانت تعاليمه لا تزال
تؤثر فيها، والذي لا يشك أحد في كونه حلقة مهمة في تاريخ الإحياء والتجديد الإسلامي.
فقد كان من أهم ما تركزت عليه دعوة الغزالي الإحيائية، العودة إلى القرآن
الكريم،