ومن ثمّ يبحثون كلَّ فصل وكلَّ باب من خلال الاعتماد على المقدّمات
ونتائجها وبهذا النحو يتمّ تأليف كتاب باسم كتاب (الطب). بيد أنَّ القرآن ليس
كذلك، فهذا الكتاب نزل على مدى 23 سنة وفقاً للحاجات والظروف الإجتماعية المختلفة
والوقائع المتباينة، والمراحل التربوية المتفاوتة، وسائر حياة المجتمع الإسلامي،
وفي نفس الوقت لم يتعلق بزمان ومكان معين!) [1]
ثم يوضح سر عدم ترتيب القرآن الكريم موضوعيا؛ فيقول: (فخلال يوم كامل
تدور كافة بحوث القرآن حول محور مقارعة الوثنين والشرك وتعليم التوحيد بكل فروعه،
والسّور والآيات النّازلة في هذه المرحلة كلّها في المبدأ والمعاد: (كالسور التي
نزلت في مكّة خلال السنوات الثلاث عشرة الاولى من البعثة)، وفي يوم آخر تكون
البحوث ساخنة وقوية حول الجهاد ومواجهة الأعداء الداخليين والخارجيين والمنافقين،
ويومٌ تقع غزوة الاحزاب فتنزل سورة الاحزاب، وما لا يقل عن 17 آية منها تتحدث عن
هذه المعركة والتجارب والقضايا التربوية فيها ووقائعها، وفي يوم آخر جرت واقعة صلح
الحديبية فتنزل سورة الفتح: وبعدها فتح مكّة وغزوة حنين فتنزل سورة الإخلاص وآيات أخرى..
والخلاصة، فتزامناً مع انتشار الإسلام والتحرك العالم للمجتمع الإسلامي كانت تنزل
الآيات المناسبة وتصدر الأوامر الملازمة، وهذا ما كان يكمّل المسيرة التكاملية للإنسان) [2]
وهكذا ـ وبلغة بسيطة تخاطب العقل والفطرة السليمة ـ يوضح كل القضايا
المعروضة في القرآن الكريم، وبسهولة ويسر، بعيدا عن التعقيدات الكلامية.
وقد وضح غايته من تفسيره، فقال ـ تحت عنوان (ما هي المشكلات التي يُمكن
حلُّها