فكرة إنكار الوحي، نتيجة للنظرة الماديّة البحتة الى هذا الإنسان، وهي
نظرة قاصرة بشأن الإنسان، سادت أوروبا في عصر نشوء الفكرة الماديّة عن الحياة،
والتي جعلت تتقدّم وتتوسّع كلّما تقدّمت العلوم الصناعيّة في القرنين الثامن عشر
والتاسع عشر، وأخذت المقاييس المعنويّة في الحياة تتدهور تراجعا الى الوراء. وكادت
الموجة تطبق العالم أجمع، لولا أن انتهضت الفكرة الروحية في أمريكا ومنها سرت إلى
اروبا كلّها فجعلت مسألة الوحي تحيى من جديد) [1]
وهكذا لم ينته من مباحث الوحي حتى أحاطها من كل جوانبها، سواء ما تعلق
منها باللغة أو الاصطلاح، أو بالفلسفة والكلام، وغيرها من المباحث التي لا نجدها
في كتب علوم القرآن العادية، وهي دالة على الموسوعية التي يتسم بها علماء إيران،
نتيجة مزاوجتهم بين الدراسة الحوزوية والدراسة الحديثة.
وعلى العموم؛ فالكتاب نادر في بابه، ولم يؤلف مثله، لا من حيث الجمع
والتفصيل، ولا من حيث التحقيق والتنقيح، وهو ـ مع هذه الأهمية ـ لا وجود له في المكتبات
والكليات الموجودة في البلاد السنية؛ حيث حرم الباحثون من هذا السفر الثمين بسبب
الطائفية المقيتة، مع أن الشيخ لا يفرق في عرضه أو نقده بين سني وشيعي، بل إنه
أحيانا كثيرة يشيد ببعض الباحثين من المدرسة السنية في نفس الوقت الذي ينتقد فيه
الباحثين من المدرسة الشيعية التي ينتمي إليها.