بالمعاني الإشارية.. وحينما يعرض للمعاني الإشارية يفعل ما يفعله أكثر
الصوفية من المعاني المستغربة التي لا دليل عليها، مثل قوله في تفسير البسملة: (الباء:
بهاء الله. والسين: سناء الله. والميم: مجد الله. والله: هو الاسم الأعظم الذي حوى
الأسماء كلها، وبين الألف واللّام منه حرف مكنّى، غيب من غيب إلى غيب، وسرّ من سرّ
إلى سر، وحقيقة من حقيقة إلى حقيقة، لا ينال فهمه إلّا الطّاهر من الأدناس، الآخذ
من الحلال قواما ضرورة الإيمان. والرحمن: اسم فيه خاصية من الحرف المكنّى بين
الألف واللام. والرحيم: هو العاطف على عباده بالرزق في الفرع، والابتداء في الأصل،
رحمة لسابق علمه القديم)[1]
ومن الأمثلة على إشاراته الصوفية قوله في تفسير قوله تعالى: {وَالْجَارِ
ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ
السَّبِيلِ} [النساء: 36] بعد ذكره للتفسير الظاهر: (وأما باطنها، فالجار ذي
القربى هو القلب، والجار الجنب هو الطبيعة، والصاحب بالجنب هو العقل المقتدى
بالشريعة، وابن السبيل هو الجوارح المطيعة للّه)[2]
وقال في تفسير قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ في الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: 41]: (مثّل الله الجوارح بالبرّ، ومثّل
القلب بالبحر، وهم أعمّ نفعا وأكثر خطرا. هذا هو باطن الآية، أ لا ترى أنّ القلب
إنما سمّي قلبا لتقلّبه، وبعد غوره)[3]
وعلى العموم؛ فأكثر إشاراته مما لا حرج فيه، بخلاف باطنية الصوفية الذين
أبعدوا النجعة في التأويل والابتعاد عن ظواهر النصوص.