لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ}(لأنفال:48)
قال: فقد خذلهم أحوج ما كانوا إليه.
قلت: أجل.. فقد استندوا إلى ركن غير ركين.
قال: كل من استند لغير الله، فقد استند لركن غير ركين.. ألم تسمع قوله تعالى:{ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ}(آل عمران:160)؟
قلت: بلى.. وقد رأيت من نصر الله لأوليائه ما يدل على هذا.
قال: فالفقراء المتوجهون لله منصورون بنصر الله، مؤيدون بمدد الله.. فلذلك هم مختارون سواء عزلهم الخلق أو قربوهم.
قلت: فلا فقر إذن.
قال: لا فقر إلا الفقر الوهمي الذي يعيشه المحجوبون.
^^^
شعرت عند سماعي هذا بجوهرة كريمة تنزل أعماق صدري، تنجلي من نورها بعض الظلمات.
قلت في نفسي بعدها: نعم إن الفقير في الحقيقة لا يؤلمه فقره، بقدر ما يؤلمه فوات الفرص والمكاسب التي يرى الأغنياء ينزلونها ويتهافتون عليها،