وقترت أكون قد أهنته، فالإكرام أن
يكرم الله العبد بطاعته والإيمان به ومحبته ومعرفته والإهانة أن يسلبه ذلك.
فإن هذه المعرفة تسد منافذ الهوان
التي يشعر بها، فالهوان أخطر من الجوع، والكرامة أعز من الشبع، وقد قالت العرب في
أمثالها:( تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها )، وقال أوس بن حارثة لابنه مالك فيما
يوصيه به:( يا مالك، المنية ولا الدنية، وشر الفقر الخضوع، وخير الغنى القنوع)
قد
تكون مختارا:
صعد بي المرشد طابقا آخر في
قصر الاستغناء، فإذا بي أشاهد لافتة مكتوبا عليها: هنا محل جوهرة عزيزة اسمها ( قد
تكون مختارا )
سألت المرشد عنها، فقال: أنا
المرشد، ولست المعلم، اسأل معلم السلام.
أجابني من غير أن أسأله: لا
يكفي أن تشعر بأنك لست مطرودا لتمتلئ بالسلام والسعادة؟
قلت: فما الذي ينقص الفقير
حتى يشعر بسكينة أعظم، وسلام أتم؟
قال: أن يشعر بأن في إمكانه
أن يكون مختارا ومفضلا وعظيما.. أن يشعر أن بإمكانه أن يصير غنيا غنى أبديا، لا
ظرفيا؟
قلت: اضرب لي مثالا على ذلك،
فأنت تعرف عجزي عن التجريد.