قال: لقد جعل الله كفارة الظهار
وغيره إطعام ستين مسكينا ليكون البحث عن المساكين المستحقين جزءا من الكفارة.
قلت: وما فائدة ذلك العناء الذي
يجعل الشخص يبحث عن هؤلاء المساكين؟
قال: في بحثه عنهم تعرف منه عليهم..
وفي تعرفه عليهم وتكافله معهم تخليص لهم من العزلة التي قد تفرض عليهم.
قلت: وعيت هذا.. وهو حل تشريعي
مثالي يقوي ما ورد من التوجيهات.
^^^
ما قلت هذا حتى شعرت بجوهرة كريمة
تنزل أعماق صدري، تنجلي من نورها بعض الظلمات.
قلت في نفسي حين نزولها: نعم.. إن
الفقير في الحقيقة لا يؤلمه فقره، بقدر ما يؤلمه نظرات الناس وموقفه من نفسه.. لا
يؤلمه جوعه وبرده فقد يصيب الغني من الجوع ما يصيب الفقير، وقد يصيب الفقير من
الشبع ما يصيب الغني.
فلذلك إن رُفع هذا الوهم، وقيل
للفقير: فقرك ليس علامة إبعاد.. كما أن غنى جارك ليس علامة ود، فكلاهما ابتلاء
رباني لتمحيص القلوب، كما قال تعالى:{
فَأَمَّا الْأِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ
فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ
رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}(الفجر:16) أي ليس كل من وسعت عليه وأعطيته
أكون قد أكرمته ولا كل من ضيقت عليه