صعدت مع المعلم طابقا آخر
في قصر القناعة، فوجدنا شعاعا عظيما متلألئا، سألت المرشد عنه، فقال: هذه جوهرة
نفيسة من جواهرالقناعة، اسمها الاقتصاد.
قلت: نحن نعرف هذا الاسم،
فهو الذي يسير سياسات العالم، ويحكم على شعوبها بالتقدم والتأخر.
قال: ذلك من تحريفكم
للمعاني، لأن اقتصادكم يقوم على أهوائكم وتغليب مصالحكم، مبتوتا عن الأخلاق
والمثل.
قلت: ذلك شأن كل شيء
عندنا.. فما الاقتصاد عند أهل السلام؟
قال: اقتصاد أهل السلام
يقوم على توزيع ثروات الله لخلق الله بما يتوافق مع مصالحهم جميعا، فلا نجيع بطنا
لنشبع بطنا، ولا نفرغ جيبا لنملأ جيبا، ولا نبيد أمة لتعيش أمة أخرى على تراب
جماجمها، وتملأ أنهارها من خالص دمائها.
قلت: كيف ذلك؟
قال: إن الله خلق رزق الخلق
ليكفي الخلق، أليس هو الكافي والحسيب!؟
قلت: بلى، فقد قال تعالى:{ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ
عَبْدَهُ}(الزمر: 36)، وقال تعالى:{ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ
رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ}(آل عمران:124)