تأملت ما قاله، فإذا بخاطر
جميل يلوح لي يملؤني نشوة وينزع بعض الكدر، لقد قلت لنفسي: إن أكثر من تراهم من
الفقراء الذين تحزن لهم ليسوا فقراء، وإنما هي أجوافهم التي جعلوها كهاوية عميقة
لا يملؤها شيء.
وتذكرت حينها قوله a:( ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن
الغنى غنى النفس )[1]
وذكرت قوله a ناصحا:( إن هذا المال خضر حلو، فمن
أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي
يأكل ولا يشبع؛ واليد العليا خير من اليد السفلى)[2]
وتذكرت قوله a وهو يبين منبع من منابع الفلاح:(
قد أفلح من أسلم، ورزق كفافاً، وقنعه اللَّه بما آتاه )[3]
وعلمت أن المراد بالفلاح
هنا ليس ما نتوهمه من قصره على الآخرة، بل المراد به النجاح في كلا الحياتين:
الحياة الدنيا والآخرة، فالله رب الدنيا والآخرة.