responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المعاد والرحمة والعدالة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 57

عصره: (إنما صار الإنسان يأكل ويشـرب بالنار ويبصـر ويعمل بالنور ويسمع ويشم بالريح، ويجد طعم الطعام والشراب بالماء، ويتحرك بالروح، ولولا أن النار في معدته ما هضمت الطعام والشراب في جوفه، ولولا الريح ما التهبت نار المعدة ولا خرج الثفل من بطنه. ولولا الروح ما تحرك ولا جاء ولا ذهب. ولولا برد الماء لأحرقته نار المعدة. ولولا النور ما بصر ولاعقل. فالطين صورته، والعظم في جسده بمنزلة الشجرة في الأرض، والدم في جسده بمنزلة الماء في الأرض، ولا قوام للأرض إلا بالماء، ولا قوام لجسد الإنسان إلا بالدم، والمخ دسم الدم وزبده. فهكذا الإنسان خُلق من شأن الدنيا وشأن الآخرة، فإذا جمع الله بينهما صارت حياته في الأرض، لأنه نزل من شأن السماء إلى الدنيا، فإذا فرق الله بينهما صارت تلك الفرقة الموت، تَرُدُّ شأن الأخرى إلى السماء، فالحياة في الأرض والموت في السماء، وذلك أنه فرق بين الأرواح والجسد، فردت الروح والنور إلى القدرة الأولى، وترك الجسد لأنه من شأن الدنيا، وإنما فسد الجسد في الدنيا، لأن الريح تنشف الماء فييبس، فيبقى الطين فيصير رفاتاً ويبلى، ويرجع كل إلى جوهره الأول. وتحركت الروح بالنفس، والنفس حركتها من الريح، فما كان من نفس المؤمن فهو نور مؤيد بالعقل، وما كان من نفس الكافر فهو نار مؤيد بالنكراء له، فهذه صورة نار، وهذه صورة نور، والموت رحمة من الله لعباده المؤمنين، ونقمة على الكافرين. ولله عقوبتان: إحداهما أمر الروح، والأخرى تسليط بعض الناس على بعض، فما كان من قبل الروح فهو السقم والفقر، وما كان من تسليط فهو النقمة وذلك قوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [الأنعام: 129] من الذنوب، فما كان من ذنب الروح من ذلك سقم وفقر، وما كان تسليط فهو النقمة، وكان ذلك للمؤمن عقوبة له في الدنيا، وعذاب له فيها. وأما الكافر فنقمته عليه في الدنيا وسوء العذاب في الآخرة، ولا يكون ذلك إلا بذنب، والذنب من الشهوة، وهي من المؤمن

نام کتاب : المعاد والرحمة والعدالة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست