نام کتاب : المعاد والرحمة والعدالة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 29
قربه، لايسعد باكياً، ولا يجيب داعياً. ثم حملوه
إلى مخطٍّ في الأرض، وأسلموه فيه إلى عمله، وانقطعوا عن زَوْرَتِه، فهل دَفَعَتِ
الأقارب، أو نَفَعَت النواحِب، وقد غُودر في محلَّة الأموات رهيناً وفي ضيق المضجع
وحيداً. قد هتكت الهوامّ جلدته، وأبلت النّواهك جِدته، وعَفَت العواصف آثاره، ومحا
الحدثان معالمه. وصارت الأجساد شَحْبَةً بعد بَضَّتها، والعظام نَخِرَةً بعد
قًوَّتها، والأرواح مرتهنةً بثقل أعبائها، موقنة بغيب أنبائها، لاتستزاد من صالح
عملها، ولا تستعتب من سئ زللها.أوَلستم أبناء القوم والآباء وإخوانهم والأقرباء.
تحتذون أمثلتهم، وتركبون قُدَّتهم، وتطأون جادَّتهم. فالقلوب قاسيةٌ عن حظها،
لاهيةٌ عن رشدها، سالكةٌ في غير مضمارها، كأن المعنيَّ سواها، وكأن الرشد في إحراز
دنياها)[1]
[الحديث: 57] قال الإمام علي: (أو لستم ترون أهل الدنيا يصبحون
ويمسون على أحوال شتى: فميتٌ يُبكى، وآخر يُعُزَّى، وصريع مبتلى. وعائد يعود، وآخر
بنفسه يجود. وطالب للدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس بمغفول عنه. وعلى أثر الماضي
ما يمضـي الباقي. ألا فاذكروا هادم اللَّذَّات ومُنَغِّص الشهوات، وقاطع الأمنيات،
عند المساورة للأعمال القبيحة)[2]
[الحديث: 58] قال الإمام علي: (أولئكم سلف غايتكم وفُرَّاطُ
مناهلكم. الَّذين كانت لهم مقاوم العز، وحلبات الفخر، ملوكاً وسُوَقاً، سلكوا في
بطون البرزخ سبيلاً. سلَّطت الأرض عليهم فيه، فأكلت من لحومهم، وشربت من دمائهم،
فأصبحوا في فجوات