responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المعاد والرحمة والعدالة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 28

خلقك. خلقت داراً (الجنة) وجعلت فيها مأدبةً: مشرباً ومطعماً وأزواجاً وخدماً، وقصوراً وأنهاراً، وزروعاً وثماراً. ثم أرسلت داعياً يدعو إليها، فلا الداعي أجابوا، ولا فيما رغبت رغبوا، ولا إلى ما شوقت إليه اشتاقوا.. أقبلوا على جيفة افتضحوا بأكلها، واصطلحوا على حبها، ومن عشق شيئاً أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة ! قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه، فهو عبد لها ولمن في يده شئ منها، حيثما زالت زال إليها، وحيثما أقبلت أقبل عليها. لايزدجر من الله بزاجر، ولا يتعظ منه بواعظ.. وهو يرى المأخوذين على الغرة، حيث لا إقالة ولا رجعة، كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون، وجاءهم من فراق الدنيا ما كانوا يأمنون، وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون. فغيرُ موصوفٍ ما نزل بهم ! اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت، ففترت لها أطرافهم، وتغيرت لها ألوانهم. ثم ازداد الموت فيهم ولوجاً، فحيل بين أحدهم وبين منطقه، وإنه لبين أهله، ينظر ببصره ويسمع بأذنه، على صحة من عقله، وبقاء من لبه. يفكر فيم أفنى عمره، وفيم أذهب دهره. ويتذكر أموالاً جمعها أغمض في مطالبها، وأخذها من مصـرحاتها ومشتبهاتها، قد لزمته تبعات جمعها وأشرف على فراقها، تبقى لمن وراءه ينعمون فيها ويتمتعون بها، فيكون المهنأ لغيره، والعبء على ظهره.. والمرء قد غلقت رهونه بها، فهو يعض يده ندامة على ما أصحر له عند الموت من أمره، ويزهد فيما كان يرغب فيه أيام عمره، ويتمنى أن الذي كان يغبطه بها ويحسده عليها، قد حازها دونه.. فلم يزل الموت يبالغ في جسده حتى خالط لسانه سمعه، فصار بين أهله لا ينطق بلسانه، ولايسمع بسمعه، يردد طرفه بالنظر في وجوههم، يرى حركات ألسنتهم، ولا يسمع رجع كلامهم.. ثم ازداد الموت التياطاً به، فقبض بصره كما قبض سمعه، وخرجت الروح من جسده، فصار جيفة بين أهله، قد أوحشوا من جانبه، وتباعدوا من

نام کتاب : المعاد والرحمة والعدالة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 28
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست