وهذا
الحديث يصور ما يحصل بصورة تقريبية، لأنه لا يمكن لمن في هذا العالم أن يعرف حقيقة
ما يجري في ذلك العالم بكل دقة، والغرض الذي سقناه من أجله هو في قول الملك
للإنسان: (يا خاطئ ما تستحي من خالقك حين عملته في الدنيا فتستحي الآن)
وهذه
الكتابة تشبه ما يطالب به المحققون في المباحث المجرمين من كتابة جرائمهم،
وتوضيحها بكل دقة، ليكون الاعتراف مقدمة للجزاء والعقوبة.
وللأسف،
فإن البعض من النقاد لا ينظرون للمعاني التي تحويها أمثال هذه الأحاديث، وإنما
يتعجبون من الكتابة على الكفن، ونحو ذلك، بل إن بعضهم يشكل على الحديث بأنه لو
حصلت تلك الكتابة، لرأيناها في الكفن.. وهذا من عدم فهم ما يجري في ذلك العالم،
وكيفيته.
[الحديث: 271] قال رسول الله a
في وصيته لقيس بن عاصم: (يا قيس، إن مع العز ذلاً، وإن مع
الحياة موتاً، وإن مع الدنيا آخرة، وان لكلّ شيء حسيباً، وعلى كل شيء رقيباً، وإن
لكل حسنة ثواباً، ولكلّ سيئة عقابا، وإن لكل أجل كتاباً، وإنه - يا قيس - لابد لك
من قرين، يدفن معك وهو حيُّ وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريماً أكرمك، وإن كان
لئيماً أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك، ولا تحشر إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، ولا تبعث
إلا معه، فلا تجعله إلا صالحاً، فإنه إن كان صالحاً لم تأنس إلا به، وإن كان
فاحشاً لم تستوحش إلا منه وهو عملك)[2]