وهذا
ليس خاصا بذلك الزمان، بل هو مرتبط بجميع الفتن، ذلك أن الصالحين لا يعتزلون
الفتن، وإنما يشاركون في مواجهتها وإظهار الحق، وعدم الوقوف موقف الحياد، أما
غيرهم من الضعفاء؛ فالأحاديث تدعوهم إلى عدم الانغماس فيها حتى لا يقعوا في
مضلاتها.
ومن
الأحاديث الواردة في هذا الباب، والتي فيها ما يشير إلى أن سوء الفهم المرتبط بها
كان من العصر الاول نتيجة عدم تطبيق وصايا رسول الله a في الفتنة، وخاصة في الدعوة لمتابعة عمار بن ياسر وكونه علما على
الطائفة التي يجب نصرتها:
[الحديث: 536] عن الأحنف بن قيس، قال: خرجت وأنا أريد هذا الرجل ـ يقصد الإمام علي ـ
فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد يا أحنف؟ قلت: أريد نصر ابن عم رسول الله a، فقال: يا أحنف!
ارجع فإني سمعته a
يقول: (إذا تواجه المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار)، فقلت أو قيل يا
رسول الله: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: (إنه قد أراد قتل صاحبه)[2]
فأبو بكرة أساء فهم الحديث، ولو
أنه فهمه على ضوء الأحاديث الأخرى، لعرف المقصودين من اعتزال الفتنة.
[الحديث: 537] ما روي عن ابن عمرو، أنه قال: شبك النبي a أصابعه وقال:(كيف
أنت يا عبد الله بن عمرو إذا بقيت في حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا
فصاروا هكذا؟) قال: فكيف يا رسول الله؟ قال:(تأخذ ما تعرف وتدع ما تنكر، وتقبل على