فهذه الآيات الكريمة تذكر الحلي
والحلل التي يرتديها المحسنون والمسيئون في دار الجزاء، والتي تتوافق تماما مع
اختياراتهم التي اختاروها في الدنيا.
وهكذا يذكر الله تعالى في مشهد آخر
تلك الحلل التي يرتديها المسيئيون، فيقول: ﴿ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ
يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ
وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ ﴾ [إبراهيم: 49، 50]، والسرابيل هي
القمصان، أو غيرها من الثياب، أو تلك التي تغطي القسم الأعلى من البدن، وبخلافها (السروال)
الذي يغطي الجزء الأسفل منه.
وقد أخبر الله تعالى أنها منسوجة من
(القطران)، وهي المادة السوداء المعروفة، والقابلة للاحتراق، والتي تبعث عند
احتراقها رائحة كريهة.
وفي مقابل هذا يذكر الله تعالى
الكثير من مشاهد الحلي والحلل لأهل الجنة، مذكرا بالأعمال التي تتطلبها، ومنها ما
ورد في قوله تعالى: ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا
﴾ [الإنسان: 12]، حيث ربط ذلك الجزاء العظيم بالصبر.
ومثله قوله تعالى: ﴿ إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ
أَحْسَنَ عَمَلًا (30) أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ
الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ
ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى
الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا﴾ [الكهف: 30، 31]،
فقد ربط الله تعالى هذا الجزاء بالعمل الحسن، وقد سيق بعد هذه الآية قصة صاحب
الجنتين، وكيف كان يفخر على المؤمن المتواضع.
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 257