وهكذا يفاجأ القانعون بما آتاهم الله الراضون بما رزقهم، أولئك الممتلئين
حياء من ربهم، قال a: (إذا كان يوم القيامة أنبت الله لطائفة من أمتي أجنحة، فيطيرون
من قبورهم إلى الجنان يسرحون فيها ويتنعمون كيف شاءوا، فتقول لهم الملائكة: هل
رأيتم حسابا؟ فيقولون: ما رأينا حسابا، فيقولون: هل جزتم على الصراط؟ فيقولون: ما
رأينا صراطا، فيقولون لهم: هل رأيتم جهنم؟ فيقولون: ما رأينا شيئا، فتقول
الملائكة: من أمة من أنتم؟ فيقولون: من أمة محمد a؛ فيقولون: نشدناكم الله حدثونا ما كانت أعمالكم في الدنيا؟
فيقولون: خصلتان كانتا فينا، فبلغنا الله هذه المنزلة بفضل رحمته، فيقولون: وما
هما؟ فيقولون: كنا إذا خلونا نستحي أن نعصيه، ونرضى باليسير مما قسم لنا، فتقول
الملائكة: يحق لكم هذا) ([8])
وهكذا يفاجأ الصابرون الذين أخبر الله تعالى أنهم ينالون أجورهم بغير
حساب، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ
حِسَابٍ﴾ [الزمر: 10]
وفي الحديث عن رسول الله a أنه قال: (إذا كان يوم القيامة جمع الله الخلائق في صعيد واحد
ونادى مناد من عند الله يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، يقول: أين أهل الصبر؟ قال:
فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم: ماكان صبركم هذا الذي
صبرتم؟ فيقولون: صبرنا أنفسنا على طاعة الله، وصبرناها عن معصيته، قال: فينادي
مناد من عند الله: صدق عبادي خلّوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب؛ قال: ثمّ
ينادي مناد آخر يسمع آخرهم كما يسمع أوّلهم، فيقول: أين أهل الفضل؟ فيقوم عنق من
الناس فتستقبلهم الملائكة، فيقولون: ما فضلكم هذا الذي ترديتم به؟ فيقولون: كنا
يجهل علينا في