نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 181
وفي رواية: (أما تقرأ القرآن ؟ قال الله: ﴿ وَإِنَّكَ
لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، خلق محمد a القرآن) ([136])
ولن تستفيد ـ أيها المريد الصادق ـ من هذا النوع من التأديب
الإلهي إلا إذا اعتبرت الله تعالى يتحدث إليك أنت بكل أمر من أوامره أو نهي من
نواهيه.. وأن الأخبار الواردة فيه ليست للتسلي والتاريخ، وإنما لتهذبك وترفعك.
لذلك إن قرأت موعظة لقمان عليه السلام، وقوله لابنه: ﴿
يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) وَلَا
تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ
لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ
صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 17 -
19]، فاعلم أن لقمان عليه السلام لم يكن يتحدث لابنه فقط، وإنما كان يتحدث إليك
أيضا؛ ولو كان حديثه خاصا بابنه لما أُمرت بتلاوته وترديده.
ولا تكتف فقط بما دلت عليه ظواهر تلك الآداب، بل اعبر منها إلى غيرها..
فالله تعالى لم يرد منك الظواهر فقط، وإنما أراد منك كل ما يرتبط بها من قريب أو
بعيد.
فلذلك لا تفهم من الأمر بغض الصوت، أن تخفته وتهمس به فقط، وإنما أن
تختار كلماتك التي تنطق بها، لأن بعض الكلمات المهموسة لا يختلف تأثيرها عن
القنابل الصامتة التي تنشر القتل والخراب والدمار.
وهكذا إن أمرت بعدم تصعير الخد؛ فإياك أن تفهم انحصار الكبر فيه.. فالكبر
قد يكون في ابتسامة صفراء، أو في نظرة مؤذية، أو في كلمة تبدو لينة مهذبة لكنها
ممتلئة بكل أصناف الشوك الذي لا يجرح الجسد، ولكنه يجرح القلب.