نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 182
وهكذا في كل ما ورد في القرآن الكريم حتى لو كان متعلقا بالتعريف بالله
تعالى؛ فهو ليس تعريفا بالله فقط، وإنما هو تأديب لك، وتهذيب لنفسك.. فإن ذكر الله
تعالى أنه رحيم بعباده؛ فلم لا تكون أنت أيضا رحيما بهم.. وإن كان الله تعالى
عادلا، وهو رب كل شيء ومليكه، فلم لا تكون أنت كذلك؟
وهكذا إن ذكر الله تعالى ملائكته؛ فقال: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا
أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6]؛ فترفع لأن تكون
مثلهم في طاعتك لربك، ولو اقتضت منك تلك الطاعة أن تكون خشنا غليظا على نفسك أو
على من يعادي الحق، ويظلم المستضعفين.
وهكذا كل ما ذكر الله تعالى عن أنبيائه ورسله عليهم السلام؛ فهو لم يقصص
قصصهم، لتتسلى بها، أو لتتعلم منها التاريخ، وإنما قصها لتتهذب بها، وتتأدب
بآدابها، ولذلك قال بعد ذكره لبعض الأنبياء عليهم السلام: ﴿أُولَئِكَ
الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ﴾ [الأنعام: 90]
ولذلك إن قرأت قول الله تعالى عن أنبيائه وزهدهم في أموال الناس، وقوله على
ألسنتهم: ﴿يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ
إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾ (هود:51)، فتعلم منها
هذا الزهد؛ فلا تطمع في أجورهم وأموالهم، وترفع عنها، مثلما ترفع رسول الله a الذي أمر أن يردد أقوالهم، كما
قال تعالى: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ
أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً﴾ (الفرقان:57)، وقال: ﴿قُلْ
مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الله
وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ (سبأ:47)
بل إن رسول الله a وهو سيد الخلق، وأشرف المرسلين وأستاذهم الأعظم كان يستحضر مواقفهم
ليعيد إحياءها من جديد، ومن ذلك ما حدث به بعض أصحاب رسول الله a
نام کتاب : مواهب النفس المرضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 182