وقد
عبر الله تعالى في الآية الكريمة عن الاستقرار والقبول بالطمأنية، وذلك دليل على
أن النفس المطمئنة نفس ثابتة، لأنها تخلصت من المزاجية والأهواء المتقلبة، وإنما
خضعت للحق، ولمعاييره وموازينه؛ فصارت هي المتحكمة فيها.
ولكن
ذلك ـ أيها المريد الصادق ـ لا يعني العصمة؛ كان رسول الله a ـ مع عصمته المطلقة ـ يقول: (يا
مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فقيل له في ذلك ؟ قال: (إنه ليس آدمي إلا وقلبه
بين إصبعين من أصابع الله) ([15])
وكان يقول في
دعائه: (اللهمّ
إنّي أسألك الثّبات في الأمر والعزيمة على الرّشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك،
وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شرّ ما تعلم،
وأستغفرك لما تعلم)([16])
لكن
الله تعالى بلطفه عباده، يمن عليهم بالثبات، ذلك أنه من صفات النفس المطمئنة، ومن
الأسباب الكبرى لاستقرارها الاستعانة بالله، وبتأييده، ولذلك تنجح في كل
الاختبارات التي تحل بها، كما قال تعالى عن رسوله a: ﴿وَلَوْلا أَنْ
ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً﴾
(الاسراء:74)
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أنه ـ بحسب تقلب قلبك وثباته ـ تكون حقيقتك
ومنزلتك في الدنيا والآخرة.. فمنازلها لا يحددها أحد سوى اختيارات قلبك.