نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 21
الرجلان،
وإذا همّ بالشهوة تحرك الذكر، فهذه كلها مودّية عن القلب بالتحريك، وكذلك ينبغي
للإمام أن يطاع للأمر منه)([13])
وبناء
على ما ذكرت لك من قصدية الألفاظ القرآنية؛ فإن القلب لم يسم كذلك إلا لتقلبه
الشديد، بناء على كونه هو المختار الذي يختار ما يتناسب معه.. وبناء على كونه صاحب
الإرادة الذي يحدد ما يريده بناء على رغبته.
وقد قال قال رسول الله a
مشيرا إلى ذلك: (مثل القلب مثل الريشة تقلبها الرياح بفلاة) ([14])، وتشبيهه بالريشة دليل على تقلبه الشديد، وخاصة إن كانت الرياح، وهي
الابتلاءات والاختبارات والفتن شديدة.
وفي
قوله a: (تقلبها الرياح بفلاة) أي بأرض خالية من العمران إشارة إلى خلو
القلب من المكام التي تجعله أكثر هدوءا واستقرارا، وأقوى من أن تؤثر فيه الفتن،
ذلك أن الرياح أشد تأثيرًا في الفلوات منها في العمران.
وفي
جمع الرياح، بدل الريح، دلالة على كثرة الاختبارات الإلهية، التي تجعل القلب
المنفعل لها كثير التقلب، إذ لو استمرت الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب؛ كما يظهر
من الرياح المختلفة.
ولهذا؛
فإن أول صفات النفس المطمئنة بعد نجاحها في تلك الاختبارات الإلهية، ثباتها
واستقرارها وطمأنينتها وعدم تقلبها، لأنها استسلمت للحق، وسلمت له؛ فأعطاها الحق
من القوة بحيث لا تتقلب ولا تتبدل، بخلاف تلك النفس التي وصف الله تعالى أصحابها،
فقال: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ
أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ