نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 16
أنت
تعلم أن الله تعالى وصف نفس الإنسان بكونها شحيحة، كما قال تعالى:﴿
وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ ﴾ (النساء:128)، وهذه الصفة تدعو أصحاب
النفوس الأمارة إلى الحرص والبخل وكل المثالب التي ذكرتها لك.
لكن
صاحب النفس المطمئنة المتحرر من كل تلك المثالب يحول من هذه الصفة وسيلة للتزكية
والترقية.. ذلك أنها تدعوه إلى الحرص على ما آتاه الله من نعم، ليضعها في محلها
الصحيح، ولا يدعها للآفات، ولهذا قال رسول الله a.. وهو يحض على هذا الشح الإيجابي
لبعض صحابته حين طلب أن يوصي بجميع ماله: (الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك
أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس، وإنك لن تنفق نفقة، تبتغى بها وجه
الله، إلا أجرت بها، حتى ما تجعل فى فى امرأتك)([7])
وهكذا
صفة الجدل التي وصف بها القرآن الكريم النفس الإنسانية؛ فصاحب النفس الأمارة تجعله
يستعملها في الجدل في الله، وفي الحقائق والتلاعب بها، كما قال تعالى: ﴿يُجَادِلُونَكَ
فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ
يَنْظُرُونَ﴾ [الأنفال: 6]، وقال: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ
فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ﴾ [الحج:
3]، وقال: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ
وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ
اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ
الْحَرِيقِ﴾ [الحج: 8، 9]
بينما
صاحب النفس المطمئنة يستعملها في عدم الخضوع للباطل، وفي نصرة الحق، ولهذا دعا
الله تعالى إلى استعمال الجدل في الدعوة إليه، فقال: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ
رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ
أَحْسَنُ﴾ [النحل: 125]
بل
وصف بذلك إبراهيم عليه السلام، وأثنى عليه، فقال: ﴿ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ
(74) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ﴾ [هود: 74، 75]