نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 15
وأخبر
عن هلعه، فقال:﴿ إِنَّ الْأِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً﴾ (المعارج:19)
وكل
هذه الاستعدادات الآثمة تختزن في ذاتها ما يقابلها من الاستعدادات الطيبة الصالحة،
ذلك أن الله الحكيم الرحيم لا يخلق الشر المجرد عن كل خير([6]).. بل هو يخلق الخير.. ومن الخير ما
يتحول إلى شر.. كما أن من الطعام ما يتسنه ويصبح غير صالح للأكل.. مع أنه في أصل
طبيعته طيب وصالح.
وهكذا،
فكما أن الطعام يتسنه، فكذلك الإنسان يمكن أن يتسنه.. وكما أن الطعام يتسنه
بالغفلة عنه؛فكذلك الإنسان كلما غفل عن النظر في حقيقته وتقويمها وربطها بمصدرها
الأعلى كلما تمكنت الآفات منه، وانحرفت به بعد ذلك.. لقد أشار القرآن الكريم إلى
ذلك، فقال:﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ
أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)﴾ (الحشر)
وهذه
الآية الكريمة تشير إلى أنه لا يمكن للإنسان أن يذكر نفسه أو يعرفها، وهو لا يذكر
ربه ولا يعرفه؛ فحقيقة الإنسان لا يمكن أن تتجلى له إلا عندما يتصل بربه.
ولذلك؛
فإن التربية الخلقية وحدها لا تكفي ليتزكى الإنسان، كما يزعم الغافلون من أصحاب
الفلسفات المادية، وإنما يحتاج أيضا إلى التربية الروحية التي تصله بربه، والتي
ترقى بأخلاقه إلى المراتب العالية التي لا يمكن أن يعرفها من يعزلون الله عن
الأخلاق.
أعلم
ـ أيها المريد الصادق ـ أنك لم تفهم بعد سر التحرر والخلاص الذي يتحقق للنفس
المطمئنة.. ولذلك سأضرب لك مثالا يقرب لك ذلك.
[6]
ذكرنا هذه المسألة بتفصيل في رسالة (أسرار الأقدار) من سلسلة (رسائل السلام)
نام کتاب : منازل النفس المطمئنة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 15