نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 39
الملائكة بصورهم
الذاتية، فذلك مستحيل لا يطيقه.. ذلك أنهم من عالم مختلف تماما.
وهكذا يتحول إيمانه
بالأنبياء عليهم السلام من إيمان مسجون في سجون عقله إلى إيمان يعيش معانيه، فيصبح
لكل نبي في نفسه وعقله وخياله وقلبه وكل لطائفه صورة ومذاقا خاصا، وربما يفتح عليه
من خلال تلك الصحبة من المعارف والأذواق ما لم يكن يعرفه لولاها.
وهذا المعنى يدل على
تحول الغيب بالنسبة للسالك ـ نتيجة ذكره الكثير لربه ـ نوعا من الشهادة، فهو يعيش
الحقائق الإيمانية، وكأنه يراها رأي العين.
ولذلك لا يمكن أن ينقل
تجربته لغيره.. أو يخبر غيره بما حصل له.. كما أنه لا يمكن لأحد أن يصف لذة العسل
لغيره.. فأحسن طريق لتوضيح تلك اللذة هو أن يقدمها له، ليذوقها بنفسه.
ولو أن ذلك الرفيق الذي
ذكرت لي تنبه إلى تلك الكلمة التي أوردها الحكيم، لعرف أن تلك المعاني لا تتلقى من
الغير، وإنما يصل إليها صاحبها بحسب المرتبة والقابلية التي توفرت له.. ولذلك لم
يكن إنكاري على التجربة الذاتية، وإنما إنكاري على تحويل ذلك إلى عقائد يكلف بها
الناس، ويتوهمون أنهم بترديدها قد فتحت لهم أبواب الحقائق، مع أن أبواب الحقائق
المعصومة لا تفتح إلا بالوحي.
وهذا المعنى الذي ذكرته
لك ـ أيها المريد الصادق ـ هو نفس الذي يردده الحكماء الذين لم يهتموا بتلك
التفاصيل التي يذكرها غيرهم، وإنما اهتموا بتطهير أنفسهم لتصبح أهلا لصحبة خالقها،
والتواصل معه.. أما تلك الحقائق؛ فسرعان ما ينكشف الغيب عنها، وفي الأوان الذي
يريد الله، كما أخبر الله تعالى عن ذلك، فقال: ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ
مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا
فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ﴾
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 39