نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 38
الغیب و الشهاده
كتبت إلي ـ أيها المريد
الصادق ـ تشكو لي بعض ما حصل بينك وبين بعض رفاقك في السلوك بسبب ما ذكرتُ لك من
مصادر المعرفة ومجالاتها.. وأنه أخبرك أن هذا يخالف ما توافق عليه السائرون إلى الله
من أنواع الفتوح التي تُفتح لهم، والمعارف التي يلقنهم الله تعالى إياها، كما أشار
إلى ذلك بعضهم بقوله: (ومن أول الطريقة تبتدئ المكاشفات والمشاهدات، حتى أنهم في
يقظتهم يشاهدون الملائكة، وأرواح الأنبياء ويسمعون أصواتاً ويقتبسون منهم فوائد.
ثم يترقى الحال من مشاهدة الصور والأمثال، إلى درجات يضيق عنها النطق)([64])
وجوابا على سؤالك
الوجيه أذكر لك أن المعارف التي يهبها الله تعالى للسالك الصادق في الطريق إليه هي
من النوع الذي أشار إليه قوله a: (أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه
فإنه يراك)([65])
فرسول الله a لم يقصد رؤية الله تعالى التي يتوهمها المجسمة والمشبهة؛ فهي
مستحيلة.. وإنما أخبر أن اليقين الذي يحصل للمؤمن بالله يشبه المبصر له.. ذلك أن
الرؤية هي أقوى أنواع البراهين.. فلا يحتاج بعد الرؤية إلى برهان يدله على ربه..
أو يدله على كمالات ربه.. فهو يبصر رحمة الله ولطفه وقدرته وكرمه.. حتى أنه لا
يقلب بصره في شيء إلا ويرى آثار الله فيه.
وهكذا بالنسبة لسائر
العقائد.. فهو في إيمانه بالملائكة تنعقد بينه وبينهم الصحبة؛ فيعيش معهم، ومع
المعاني العظيمة التي يلهمها الله له عن طريقهم.. وهذا لا يعني رؤية