وقال
آخر: (التحير على ضربين: تحير وحشة، وتحير دهشة، فتحير الوحشة للمطرودين،
وتحير الدهشة للعارفين المشتاقين)([59])
وقد اعتبروا الحيرة
منزلا من منازل النفس المطمئنة التي لا تتناقض مع طمأنينتها، ذلك أنها حيرة مبنية
على التعظيم والانبهار لا على الشك والريب، وقد قال بعضهم في ذلك: (التحير: منازلة
تتولى قلوب العارفين بين اليأس والطمع في الوصول إلى مطلوبه ومقصوده، لا تطمعهم في
الوصول فيرتجوا، ولا تؤيسهم عن الطلب فيستريحوا، فعند ذلك يتحيرون)([60])
وقال
آخر: (الحيرة: هي بديهة ترد على قلوب العارفين عند تأملهم وحضورهم
وتفكرهم، تحجبهم عن التأمل والفكرة)([61])
وقال
آخر: (الحيرة حيرتان: حيرة الجاهل وحيرة العالم.. أما حيرة الجاهل: فهي
تخبطه في معميات هذا الوجود، ومحاولته الجادة أو غير الجادة لفهم أسرارها.. أما
حيرة العالم: فهي خاصة بالراسخين في العلم.. أبحر العارفون في بحر العلم، ثم عادوا
فعاينوا فشاهدوا فعلموا، لكنهم ظلوا أسرى معاينة الظواهر دون كشف المطلق أو الجوهر،
وهذه هي حيرة العالم)([62])
وقال
آخر: (الحيرة قبل الوصول، والحيرة في الوصول، والحيرة في الرجوع، كيف لا