responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 307

عمرك.

فكيف تتخيل حال هذا الشخص قبل أن تُعرض عليه هذه العروض؟

لا شك أنه في الفترة الأولى التي لم تعرض عليه هذه العروض، كان يعمل متثاقلا كئيبا محبطا، لأنه يتوهم أن الظروف التي ألجأته إلى ذلك العمل قد قضت عليه، وأنه سيظل يكدح في تلك الحال إلى أن يقضى عليه، وهو ممتلئ بالآلام.. لكنه بعد أن يتيقن من صدق ما عرض عليه، يتحول إلى إنسان آخر ممتلئا فرحا وجدا ونشاطا، ذلك أنه يعلم أن ما يمر به مرحلة قصيرة من عمره، وأن نتائجها ستكون ذات قيمة كبرى، لا يمكن تصورها.. وهذا ما يدفعه إلى العمل المضاعف، وفي نفس الوقت يدفعه إلى الراحة والسعادة.

وهكذا الأمر بالنسبة للمبدأ والمعاد.. فالله تعالى جعل هذه الدنيا مجرد مبدأ يختلط فيه المدنس مع المقدس، والسعيد مع الشقي، والسعادة مع الكآبة، والأمل مع الإحباط، لكنه وعد عباده بدار أخرى، تتحقق فيها جميع أمنياتهم، ولكن بشرط واحد هو أن يتحققوا بما تتطلبه تلك الدار من صفات.. ذلك أن الدار الآخرة متناسبة مع الطبائع التي ولدت في الدنيا.

وإن شئت تقريبا آخر لهذا المثال، فانظر إلى ذلك الجنين المشوه، والذي كان سبب تشويهه تقصير أمه أثناء حمله به؛ ذلك أنها لم تترك دواء مضرا بجنينها إلا واستعملته مع تحذير الأطباء لها من ذلك.. لكنها لم تبال بهم.. وهكذا فإن الإنسان هو الذي يختار الولادة الجديدة له.. فإن أدمن على المحرمات والمعاصي، ولد في ولادته الجديدة في دار المعاد مشوها ممتلئا بالتحريف عن حقيقته الإنسانية.. وظل كذلك فترات طويلة قد تمتد إلى أبد الآباد.

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن حقائق المبدأ والمعاد من أهم حقائق الوجود، وهي من فضل الله العظيم على عباده، ذلك أنه يتيح لهم فرصا جديدة لم يكونوا

نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست