نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 262
ولا يخاف على رزقه ما دام الله هو الرازق قال تعالى:﴿ قُلْ مَنْ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ
وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ
مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ الله فَقُلْ أَفَلا
تَتَّقُونَ﴾ (يونس:31)
ولا يخاف الضر، ولا يرجو النفع من غيره، قال تعالى:﴿ قُلْ لا
أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلا نَفْعاً إِلَّا مَا شَاءَ الله لِكُلِّ أُمَّةٍ
أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ﴾
(يونس:49)
وهكذا في جميع شؤون حياته، كما عبر عن ذلك بعض الحكماء فقال مبينا التأثير
النفسي لهذه المعارف:(.. أن ينكشف لك أن لا فاعل إلا الله تعالى، وأن كل موجود من
خلق ورزق وعطاء ومنع وحياة وموت وغنى وفقر إلى غير ذلك مما ينطلق عليه اسم
فالمنفرد بإبداعه واختراعه هو الله عز وجل لا شريك له فيه، وإذا انكشف لك هذا لم
تنظر إلى غيره، بل كان منه خوفك وإليه رجاؤك وبه ثقتك وعليه اتكالك، فإنه الفاعل
على الانفراد دون غيره، وما سواه مسخرون لا استقلال لهم بتحريك ذرّة من ملكوت
السموات والأرض، وإذا انفتحت لك أبواب المكاشفة اتضح لك هذا اتضاحاً أتم من
المشاهدة بالبصر)([317])
وهذه المعارف إذا انصبغ بها كيان الإنسان وتوحد قلبه عند النظر للكون أو
التعامل معه هو الكفيل الوحيد بتحقيق الراحة والسعادة والطمأنينة، لأن مصدر القلق
والاضطراب هو الشتات الذي يحصل في الإنسان نتيجة رؤية الأشياء قائمة بذاتها،
فتتوزع في نفسه الرغبة منها أو الرهبة، وهي متناقضة مختلفة، فيحصل فيه من التناقض
بحسبما في الأشياء من تناقض، أما إذا رآها جميعا بيد الله، فإن قلبه يتوحد مع
الله.
ومن نتائج هذه النظرة السامية: اللجوء إلى الله لا إلى الكون، وطلب
الأشياء من الله