نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 261
وهي عدم جواز الانتفاع بها، فعن عائشة أنها ركبت جملا فلعنته، فقال لها
النبي a:(لا تركبيه)([316])، وفي ذلك أبلغ التحذير من التطاول
على خلق الله.
بل إن النصوص المقدسة تنهانا عن احتقار البعوض الذي قد يؤذينا بلسعه، قال
تعالى:﴿ إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً
فَمَا فَوْقَهَا ﴾ (البقرة: 26)
بل إن القرآن الكريم ينبه الذين يحتقرون بيت العنكبوت أن بيوتهم أوهن،
قال تعالى:﴿ مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ الله أَوْلِيَاءَ
كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ
الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (العنكبوت:41)
وينبه الذين يحتقرون الذباب إلى ما يشير إليه من نواحي ضعفهم، قال
تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ
الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا
لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ
الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ﴾ (الحج:73)
ومن نتائج هذه النظرة السامية: الراحة من منازعة الأقدار اكتفاء بتقدير
الله؛ وهي نتيجة مهمة، فإن العالم بتصريف الله للكائنات لا يحزن ما يحصل له منها،
أو ما يفوته من منافعها، لأن سبب الحزن هو فوات المقدور عليه، أما ما يعتقد
استحالته فإن نفس استحالته تعزيه عن عدم حصوله عليه.
فلذلك لا يخاف مالك على ملكه، ما دام الله هو مؤتي الملك ونازعه، فإن أتى
فبفضل الله، وإن ذهب فبقدرة الله، ولن تستطيع قوة في العالم نزعه أو تثبيته، قال
تعالى:﴿ قُلِ اللهمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ
وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ
تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (آل
عمران:26)