ومثل ذلك أمره تعالى بالاستدلال على ذلك بأنه لو كان يعلم الغيب لاستكثر
من الخير وما مسه السوء، قال تعالى:﴿ قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً
وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ الله وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ
لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا
نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف:188)
ومثله أمره a
أن يخبرهم بأن رسالته لا تعني اطلاعه على الغيب، قال تعالى:﴿ وَلا أَقُولُ
لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ الله وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي
مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ الله
خَيْراً الله أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ﴾
(هود:31)
ولكن مع ذلك قد يطلع الله تعالى بفضله ورحمته بعض خلقه على بعض شؤون
الغيب مما تتعلق به مصالح العباد، ولحكم قد تقتضي ذلك، ولهذا ورد الاستثناء بعد
قوله تعالى:﴿ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً﴾
(الجـن:26) بقوله:﴿ إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً﴾ (الجـن:27)، وقال:﴿
وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ﴾ (البقرة: 255)
وقد أخبرنا الله تعالى عن بعض من خصوا ببعض علم الغيب، ومنهم الخضر عليه
السلام الذي قال تعالى عن نوع العلم الذي أوتيه:﴿ فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ
عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا
عِلْماً﴾ (الكهف:65)
ومن هذا الباب ما أطلع الله تعالى به رسوله a من عالم الغيب مما ترتبط به مصالح دينه وأمته، سواء تعلقت بالماضي أو
تعلقت بالمستقبل:
أما ما تعلق منها بالماضي، فمنه تلك الإخبارات الغيبية الواردة في القرآن
الكريم،
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 198