نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 166
المعترضون على الله من أصحاب
النفوس الأمارة، [نعمة التأديب]، وهي التي أشار إليها قوله تعالى:﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ
عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ
إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ (الانبياء:87)، فقد جعل الله تعالى ذلك البلاء
الذي حل بيونس عليه السلام مؤدبا له، وزاجرا عما وقع فيه.
ومثل ذلك ما
حصل لآدم عليه السلام من أكله من الشجرة بعد أن نهي عنها.. فقد ابتلي ليؤدب أمام
أوامر ربه، وليعرف مدى عداوة الشيطان له، فكان ظاهر بلائه نقمة، وباطنه رحمة، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ
بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾
(الأعراف:22)
ولو أن ذلك
الخروج كان نهائيا من الجنة بحيث يستحيل أن يعود إليها، كان ضررا محضا، ولكنه عندما
أتيح له أن يعود إليها بعد تحققه بالشروط التي تستلزمها، كان نفعا محضا، وقد قال
بعض الحكماء على لسان الحضرة الإلهية مخاطبا آدم عليه السلام، يبين النعم المختفية
وراء العقوبة: (يا آدم لا تجزع من قولي لك:﴿ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ
عَدُوٌّ ﴾ (الأعراف:24)، فلك ولصالح ذريتك خلقتها.. يا آدم كنت تدخل علي
دخول الملوك على الملوك، واليوم تدخل علي دخول العبيد على الملوك.. يا آدم لا تجزع
من قولي لك:﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُم﴾
(البقرة:216)([213])
ولهذا ورد في
النصوص المقدسة الإخبار بابتلاء الله لعباده بسبب الذنوب التي يقعون فيها، وهو
ابتلاء يشبه تماما تقريع المعلم لتلميذه رادعا له ومؤديا، وقد قال تعالى:﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾
(الشورى:30)، فالآية