ولهذا ذكر الله تعالى كثرة الخير المخزن في طيات
ما نكره، فقال:﴿ فَعَسَى أَنْ
تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾ (النساء:19)، وقد
قال بعضهم تعليقا على الآية: (لا تكرهوا الملمات الواقعة، فلرب أمر تكرهه فيه
نجاتك، ولرب أمر تحبه فيه عطبك)
ولهذا بشر a
المبتلين بأنهم سيكونون موضع غبطة الخلق يوم القيامة عندما يعاينون ما أعد الله
لهم من جزاء، فقال: (يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطى أهل البلاء الثواب لو
أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض)([212])
وهذا ما جعل أصحاب النفوس المطمئنة الراضية
ينشغلون بالمكاسب المرتبطة بما ينزل بهم، بدل الانشغال بالآلام التي تعرض لهم، وقد
روي أن بعضهم راح يعدد المعاني الجمالية المصبوبة في قوالب البلاء، فقال: (إني
لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات: أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي، وأحمده
إذ رزقني الصبر عليها، وأحمده إذ وفقني للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب، وأحمده
إذ لم يجعلها في ديني)
وروي عن بعض الصالحين أنه برىء من علة كان فيها،
فجلس للناس، وهنؤوه بالعافية، فلما فرغ الناس من كلامهم، قال: (إن في العلل لنعماً
لا ينبغي للعاقل أن يجهلها: تمحيص للذنب، وتعرض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة،
وإذكار بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للمثوبة، وحض على الصدقة، وفي قضاء الله
وقدره بعد، الخيار)
ومن
تلك النعم التي يراها أصحاب النفوس المطمئنة، والتي يحجب عنها