وقد أشار بعض الحكماء إلى هذا المعنى حين دخل عليه جماعة يزورونه، فجمع
بـين يديه حجارة، ثم قال: من أنتم؟ فقالوا: محبوك، فأقبل عليهم يرميهم بالحجارة
فتهاربوا فقال: ما بالكم ادعيتم محبتي، إن صدقتم فاصبروا على بلائي.
وقال آخر: كنت نائما عند بعض الصالحين، فانبهني فقال لي: (يا فلان، رأيت
كأني قد وقفت بين يدي الله تعالى فقال لي: خلقت الخلق فكلهم ادعى محبتي، وخلقت
الدنيا فهرب مني تسعة أعشارهم، وبقي معي العشر، وخلقت الجنة فهرب مني تسعة أعشار
العشر، وبقي معي عشر العشر، فسلطت عليهم ذرة من البلاء، فهرب مني تسعة أعشار عشر
العشر، فقلت للباقين: معي، لا الدنيا اردتم، ولا الجنة أخذتم ولا من النار هربتم،
فماذا تريدون، قالوا: إنك تعلم ما نريد، فقلت لهم: فإني مسلط عليكم من البلاء بعدد
انفاسكم ما لا تقوم له الجبال الرواسي اتصبرون؟ قالوا: اذا كنت انت المبتلي لنا،
فافعل ما شئت فهؤلاء عبادي حقا)
وقال آخر: (الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاء صاروا
إلى حقائقهم؛ فصار المؤمن إلى إيمانه، وصار المنافق إلى نفاقه)
وبناء على هذا يخبرنا القرآن الكريم عن المواقف المختلفة من أنواع
البلاء، وتمييز الخلق على أساسها، ففي موقف الخوف مثلا يخبر تعالى عن صنفين من
الناس: أما الأول، وهو الناجح في الاختبار، فيذكر وقوفه كالطود الأشمّ أمام كل
المخاوف، قال تعالى:﴿ الَّذِينَ
نام کتاب : معارف النفس الراضية نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 163