نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 491
المعاتبه و المعاتبه
كتبت
إلي ـ أيها المريد الصادق ـ تسألني عن المرابطة الأخيرة التي ذكرها الحكماء، وهي
تلك المعاتبات والمعاقبات التي كانوا يطبقونها على أنفسهم، ويتشددون معها فيها،
ومدى موافقة ذلك الشريعة، ومدى تأثيرها في التزكية والترقية.
وجوابا
على سؤالك الوجيه أذكر لك أن التعامل الصحيح مع النفس، يقتضي ذلك، ذلك أنها إن لم
تخف العقوبة، ركنت إلى الأهواء، وشردت بها السبل، وصعب على صاحبها التحكم فيها.
لذلك
قد يلجأ إلى فطامها عن بعض ما تحب، أو عقوبتها بما تستحق مثلما يحصل مع الطفل
الصغير الذي لا يفرق بين ما ينفعه وما يضره، كما عبر الشاعر عن ذلك بقوله:
والنفس
كالطفل إن تهمله شب على... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم
فاصرف
هواها وحاذر أن توليه... ان الهوى ما تولى يصم أو يصم
وراعها
وهي في الأعمال سائمة... وان هي استحلت المرعى فلا تسم
كم
حسنت لذة للمرء قاتلة... من حيث لم يدر أن السم في الدسم
وقد
أشار القرآن الكريم إلى هذا عند ذكره لأمر الله تعالى لبني إسرائيل بقتل أنفسهم،
بعد اتخاذهم العجل، قال تعالى:﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ
إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى
بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ
فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54)﴾ (البقرة)؟
وقد
روي في الحديث أنه انطلق رجل ذات يوم في عهد النبي a فنزع ثيابه وتمرّغ في
الرمضاء، وجعل يقول لنفسه: ذوقي ونار جهنم أشدّ حرّاً أجيفة بالليل بطالة بالنهار؟ فبـينما
نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 491