نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 489
ولهذا؛
فإن الدليل الأكبر على مشروعية المحاسبة، بل وجوبها هو القرآن الكريم، فالله تعالى
لم يخبرنا عما يحصل في الآخرة من أنواع الحساب الدقيق، لنتسلى بها، وإنما لنأخذ
حذرنا، فنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب، وقد قال الإمام الصّادق: (إذا أراد احدكم أن
لا يسأل ربّه شيئا إلا أعطاه فلييأس من النّاس كلهم ولا يكون له رجاء إلّا من عند
اللّه، فاذا علم اللّه ذلك من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه فحاسبوا انفسكم قبل أن
تحاسبوا عليها، فان للقيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة ثمّ تلا ﴿فِي
يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: 4]) ([1035])
وقال:
(لو لم يكن للحساب مهولة إلا حياء العرض على اللّه تعالى وفضيحة هتك السّتر على
المخفيات لحقّ للمرء أن لا يهبط من رؤوس الجبال، ولا يأوي إلى عمران، ولا يشرب ولا
ينام إلا عن اضطرار متّصل بالتّلف، ومثل ذلك يفعل من يرى القيامة بأهوالها وشدائدها
قائمة في كلّ نفس ويعاين بالقلب الوقوف بين يدي الجبار حينئذ يأخذ نفسه بالمحاسبة
كأنه إلى عرصاتها مدعوّ وفي غمراتها مسؤول، قال اللّه تعالى: ﴿وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا
وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا
حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47]) ([1036])
وقال
الإمام الكاظم: (ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فان عمل حسنة استزاد اللّه
وإن عمل سيّئة استغفر اللّه منها وتاب إليه)([1037])
و
قال الإمام الباقر: (لا يغرّنك النّاس من نفسك فان الأمر يصل إليك دونهم ولا