نام کتاب : مدارس النفس اللوامة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 373
ولذلك
أخبر رسول الله a عن استحباب تسليم الصدقة مباشرة إلى الفقير من غير واسطة، ففي
الحديث عنه a قال: (خصلتان لا أحبّ أن يشاركني فيهما أحدٌ: وضوئي فإنه من
صلاتي.. وصدقتي من يدي إلى يد سائلٍ، فإنها تقع في يد الرحمن)([757])
ويروى
أن الإمام السجاد كان إذا أعطى السائل قبّل يده؛ فقيل له: لِمَ تفعل ذلك ؟..قال:
(لأنها تقع في يد الله قبل يد العبد)، وقال: (ليس من شيءٍ إلا وكل به ملك إلا
الصدقة، فإنها تقع في يد الله)([758])
ولهذا
أخبر رسول الله a عن شرف السائل، وكونه سفيرا ورسولا لله تعالى، وذلك ما يستدعي
إكرامه والتعامل الحسن معه، قال a: (السائل رسول ربّ العالمين، فمن
أعطاه فقد أعطى الله، ومن ردّه فقد ردّ الله)([759])
ولهذا يشعر المنفق بمنة الله عليه بالمنفق عليه، وقد قال الإمام
علي: (من علم أنّ ما صنع إنّما صنع إلى نفسه لم
يستبط الناس في شكرهم ولم يستزدهم في مودّتهم إيّاه فلا تلتمس من غيرك شكر ما
أتيت إلى نفسك ووقيت به عرضك،
واعلم أنّ الطالب إليك الحاجة لم يكرم وجهه عن وجهك فأكرم وجهك عن ردّه)([760])
وقد ذكر بعض الحكماء علامة على هذه المرتبة الرفيعة، فقال: (اعلم أنّ له علامة دقيقة واضحة وهو أن
يقدّر أنّ الفقير لو جنى عليه جناية أو مالأ عدوّا له عليه مثلا هل كان يزيد
استنكاره واستبعاده له على استنكاره قبل التصدّق، فإن زاد فلم تخل صدقته عن شائبة
المنّة لأنّه توقّع بسببه ما لم يكن يتوقّعه قبل ذلك)