وقد كانت هذه الآيات وأمثالها
من الآيات التي يستعملها المتكلمون المنزهة لإيقاع المجسمة في الحرج، لأنهم إما أن
يقولوا بمقتضياتها، فينفوا الجهة عن الله، وينفوا معها الجسمية ومقتضياتها، وإما
أن يصرفوها عن ظاهرها، وحينها يتخلون عن اعتبارهم التأويل تعطيلا.
يقول إمام الحرمين الجويني:
(ومما يجب الاعتناء به معارضة الحشوية بآيات يوافقون على تأويلها حتى إذا سلكوا
مسلك التأويل عورضوا بذلك السبيل فيما فيه التنازع. فمما يعارَضون به قوله تعالى:
﴿وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾ [الحديد: 4] فإن راموا
إجراء ذلك على الظاهر حلوا عقدة إصرارهم في حمل الاستواء على العرش على الكون
عليه، والتزموا فضائح لا يبوء بها عاقل، وإن حملوا قوله: ﴿وَهُوَ مَعَكُمْ
أَيْنَ مَا كُنْتُمْ ﴾على الإحاطة بالخفيات فقد تسوغوا التأويل)[1]
وهكذا نجد الأحاديث الصحيحة
الموافقة للمعقول والمنقول، والتي لم تتلطخ بتشويهات المجسمة والمحرفة تنص على
هذا، ففي الحديث الصحيح أن رسول الله (صلیاللهعلیهوآلهوسلم)
[1] الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، إمام
الحرمين أبو المعالي الجويني، التحقيق: الدكتور محمد يوسف موسى، وعلي عبد المنعم
عبد الحميد، مكتبة الخانجي - مصر، مطبعة السعادة – مصر، 1950، ص161.
نام کتاب : الإمام الحسين وقيم الدين الأصيل نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 51