أما
سبب رفض الطريق الأول، وهو البينة المؤلفة من قول شاهدين من أهل الخبرة؛ فترجع ـ
كما يذكر ـ إلى ثلاثة نواح، هي[2]:
1
ـ أن البينة ذات بعد فردي لا اجتماعي، ولذلك لا تشكل أساساً لمعرفة اجتماعية، إذ
الذي يطلع عليها هو الفرد، وهذا لا يفيد بالنسبة للأمة.
2
ـ أنه سيفسح المجال لأن يكون جميع الفقهاء ولاة فعليين، إذ ما من فقيه متصد أو
يريد التصدي إلا وسيجد من يشهد له بأهليته لذلك، بل ربما يأتي أناس يدعون أنهم أهل
خبرة كما يحصل أحياناً في مجال التقليد، فتضيع الأمور على الناس وتتشابك، وربما نتنازع
فيما بيننا وفي هذا تضييع لهدف تشكيل الحكومة الإسلامية.
3
ـ أنه ستظهر حالات التعارض في شهادات أهل الخبرة لتعيين الأفضل، لأن البينة التي
تشهد على أفضلية فلان تنفي أفضلية غيره فيقع التعارض والتنافي بين البينات وتسقط
تلك الشهادات عن الإعتبار.
أما
الطريق الثاني، وهو المعرفة الشخصية، فهذا ـ كما يذكر العاملي ـ (ينفع صاحب
المعرفة فقط دون غيره، ويستحيل عادة أن يملك جميع أفراد الأمة الخبرة الشخصية
الكافية لمعرفة أهلية الشخص للولاية)
[3]
أما
الطريق الثالث، وهو [الشياع المفيد للعلم أو الإطمئنان]؛ فهو مع أهميته وعقلانيتة
إلا أن المشكلة فيه هو صعوبة التحقق من مدى صدق ذلك الشياع.
وقد
تبنت الجمهورية الإسلامية الإيرانية هذا الطريق، بعد توفير الشروط المناسبة
[1]
الفقيه والسلطة والأمة، مالك مصطفى وهبي العاملي (ص: 68).